الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
97015 مشاهدة
تلقي التابعين تفسير القرآن عن الصحابة

يقولون: من التابعين من تلقى جميع التفسير عن الصحابة يعني تتلمذوا على الصحابة فلذلك إن كان التلاميذ أخذوا عن الصحابة رضي الله عنهم قال مجاهد عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات. في بعض الروايات ذكر ابن كثير في مقدمة التفسير عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات أوقفه عند كل آية وأسأله عنها. يعني أخذه، أخذ التفسير عن ابن عباس ثلاث مرات يوقفه عند كل آية.
وابن عباس رضي الله عنه صحابي جليل، ومن العرب الفصحاء. ثم له ميزة، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له في الأثر المشهور قال: اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل فكان آية في القرآن. ذكر ابن كثير في أول تفسيره أن ابن عباس فسر مرة سورة النور تفسيرا بليغا لو سمعه الفرس، والروم، والترك لأسلموا، يعني من بلاغته وقوته. ولهذا قال الثوري - الثوري سفيان بن سعيد بن مسروق العالم المشهور كان له مذهب ولكن أهمله أصحابه لم يدونوه - يقول: إذا جاءك التفسير عن مجاهد يعني مجاهد بن جبر تلميذ ابن عباس إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به. ولهذا يعتمد الشافعي والبخاري وغيرهما من أهل العلم على التفسير المنقول عن مجاهد يعتمد على تفسيره الإمام الشافعي رحمه الله والبخاري .
فالبخاري أيضا في كتابه الصحيح ينقل كثيرا من الآثار. وأكثر ما ينقل عن مجاهد وغيره من التابعين يعتمدون على تفسيره، وغيرهما من أهل العلم . وكذلك الإمام أحمد وغيره ممن صنف في التفسير. يكرر الطرق عن مجاهد أكثر من غيره. وكذلك ابن جرير الإمام أحمد ذكروا أن له تفسيرا، وأن فيه مائة وعشرين ألف أثر أو حديث. وإن كان ما تيسر العثور عليه .
والمقصود أن التابعين رحمهم الله تلقوا التفسير عن الصحابة، كما تلقوا عنهم علم السنة. وإن كانوا قد يتكلمون في بعض ذلك بالاستنباط والاستدلال. وتلقوا التفسير، وتلقوا الحديث عن الصحابة رضي الله عنهم. لكن قد لا يوجد أثر عن الصحابة، فالتابعون بما أعطاهم الله تعالى من فهم القرآن قد يتكلمون في بعض الآيات بالاستنباط والاستدلال.
يستنبط أحدهم من هذه الآية كذا، أو يفسره بمعنى يفهمه. كما يتكلمون في بعض السنن بالاستنباط والاستدلال عن الوقائع التي تقع لهم كثيرا ما يتوقفون فيها. وكثير منهم يحتاج إلى أن يفتي فيها برأيه، أو بما ظهر له من عمومات الأدلة. إذا لم يجد نصا فيستنبط الدلالة من حديث أو من آية ..فإن يجد ذلك مرفوعا فكذلك أيضا الآيات يستنبط منها فوائد وأحكاما، وما أشبه ذلك. يعني ليس كل ما نقل عن التابعين يكون مرويا عن الصحابة . بل قد يروى عن التابعين تفاسير فسروها بالاستنباط وبالفهم. وكذلك ليس كل ما روي عن التابعين من الأحكام ومن المسائل التي أفتوا فيها ليس كله يعتمدون فيه على النقل. بل قد لا يجدون في الآيات دليلا ولا في الأحاديث فيحتاجون إلى الاستنباط والاستدلال.